أرجوزة في ذمّ التدخين
نظمُ: العلَّامة الشيخ عمر الزيادي
(كان حيًّا في القرن الحادي عشر الهجريّ)
تحقيق: وحدة تحقيق النصوص بمؤسسة الوراقة الأولى
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
فهذه أرجوزة في ذمِّ التدخين، وبيان حكمِه الشرعي، وأضراره على الفردِ والمجتمع، حلوة النظم، عذبة الألفاظ، نظمها الشيخ عمر الزيادي رحمه الله، وهو وإن لم نقف له على ترجمة فيما بين أيدينا من مصادر إلا أننا نستطيع القول بأنه كان حيًّا في القرن الثاني عشر الهجري؛ وسبب ذلك أنه لما ذكر الشيخ النوبيّ، أحمد بن علي، الذي كان حيًّا في عام (1036هـ)[1]، وصفه بشيخنا.
وقد وصف الناسخُ الناظمَ في أول المنظومة بالعلَّامة، مما يوحي بأنه رجلٌ معروف بالعلم في عصره، وقد ضبطنا نصَّها اعتمادًا على نسخة وحيدة محفوظة ضمن المكتبة التيمورية الملحقة بدار الكتب المصرية تحت رقم (729/ فقه تيمور).
الحمــــد لله شديــــدِ القَهــــرِ حمدًا يدوم بدوام الدَّهر
ثم الصـــــلاة وكـذا التحيـــه على النبيِّ أشرفِ البريّه
محمدٍ وصحبـــِه والآل على مَرِّ[2] الليالي والأيام
وبعدُ فاسمع لمقالٍ قد حلا وقلتُه لما قد أهلَك انجلا
في بدعة الدُّخَان لـمّا بانـا وأفسد الرجالَ والنسوانا
ثـــم نمـــا في سائر البـلادِ واستعملـــوه أكثرُ العبادِ
أعزّ من طعامهم والشربِ وقد ظهرْ في شرقها والغربِ
وأعجبُ الأمور يا موالي أن الذي منهم فقيرَ الحال
إنْ ملكَ الدرهمً وهْو جائعًا يصرفه في الدخَان حالًا مسرعا
وانظر ترى أولادَه جياعا وحِيلَه في شُربه قد ضاعا
لا حيلةَ قد ضاعت العقولُ وطالت الغفلةُ والذُّهولُ
يا ويلكم أتشربون جيفه وقد جعلتموه لكمُ وظيفه
يا ويلكم أتشربوا النَّتانا وما له اسمٌ سوى الدخَانا
آذيتموا أنفسكم والجلسا واللهِ ما هذا فعلُ الرُّؤَسا
آذيتموا آذيتموا كلَّ الأذى بالله قولوا لي وما الداعي لذا
آذيتموا المقيمَ في الطريق ما أنتموا والله في الطريق
وربُّنا بفضله ذو القهرِ يجمعْ لكم دخانَكم في القبر
دخَانٌ معْ ظلامٍ معْ نَتانا نظيرها أهديتمُ الإخوانَ
فشربه يلذعُ في اللسان ويقطع الأمعا بلا تواني
وأنه بكلِّ عيبٍ قد وُصِف ولم يزل شاربه في أخ تف
تنظره لم [………..][3] في شربه كالجدي أرخى لحيته
أو كالذي ينفخُ في الشبابة كالكلب إذ يلهث[4] يسل لُعابَه
فقل لمن يُحِلُّه يقول أليس إنَّ الشرع يا جهول
مصرِّحًا بحرمة الإسراف خالفتَه يا عادِم الإنصاف
ولم يكن فقيهًا او غنيّا ليس هذا مصرفًا شرعيّا
وغير هذا قال أهل العلم قولٌ بالاتِّفاق يا ذا الفهم
يجبْ علينا كلّنا قبول قولِ السادةِ العدول
قولُ الأطبّاءِ العُدولِ مستند بأنه يجلِب للعينِ الرَّمَد
وقال قومٌ يورث الغِشاوة وشربُه هاذِ هِي شقاوة
يسوِّد الإنسانَ باصفرارِ ويشغل القلبَ عن الأذكار
قد صحَّ عن بعض رواة الخبرِ أن الحرامَ موجبٌ للضررِ
لا سيما بنصِّ أقوالِ العُدول موافقًا ما قاله الرسول
من أنه إن ضرَّ شيءٌ يحرم من مشربٍ كان أو من مطعم
وكل من تسأله يُقِرّ ويعترفْ بأنه مُضرّ
فخيب الله لحا تلك السفل لا منك في عقولهم من ذا خبل
لما تقولوا إن يضركم لما قطعتم فيه غالب دهركم
وخيب الله لحا الأنذال وخاب من يفتي بالضلال
قال الشهاب العالم القليوبي[5] أعظِم به من عالمٍ طبيبِ
تراه في كل العلوم بحرا قال مضرًّا او حرامًا جهرا
وغيره كالقدوة اللقّاني[6] أفتى بحرمته بلا تواني
والعالم العلامة السهاوي[7] الشيخ عيسى، وكذا الشبراوي
وشيخنا الحبر العظيم النوبي[8] العالم البحر الذكيّ اللبيب
قال حرام ثم فيه صنفا رسالة سماعها فيها الشفا
وكم وكم عالمٍ عظيمِ أفتى وقال فيه بالتحريمِ
إن هو إلا بدعة الشيطانِ عليه لعنةٌ من الرحمنِ
فمن يقل في شربه حلالا يجز عليه الضرب بالنِّعالا
بشربه هل أُنزل القرآن أم النبيْ في شَرْعِه أبانا
لأن مولانا الكريم الواهب قد يستحي من العُبَيد الشائب
مكيف يكون شايبًا ويستحي في بدعة تكون غير صالح
وإن يقولوا […][9] النظم وقالا وصنَّف المنظومَ والمقاله
أقول إني أنا عمرُ الزّيادي عبدٌ لأهل العلم والإرشاد
تمت وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا آمين
[1] ) تأتي ترجمته. [2] ) في الأصل: (( ممرّ )). [3] ) كلمتان بالأصل غير واضحتين. [4] ) في الأصل : (يلهس) بالسين. [5] ) هو أبو العباس، أحمد بن أحمد بن سلامة، شهاب الدين القليوبي ( ت 1069هـ) انظر ترجمته في الأعلام للزركلي (1/92). [6] ) هو: أبو الإمداد ، برهان الدين، إبراهيم بن إبراهيم بن حسن اللقاني ( ت 1041هـ)، انظر ترجمته في الزركلي (1/28)، وله كتاب (( نصيحة الإخوان باجتناب الدخان)) منه نسخ كثار بمكتبات العالم انظر بعضها في فهرس الكتبخانة الخديوية (دار الكتب المصرية)، (3/178)، (7/123). ( معجم التاريخ التراث العربي (1/2). [7] ) كذا في الأصل بالسين، وبدار الكتب التونسية (( رسالة في ذم الدخان )) مؤلفها يدعى: عيسى الشهاوي بالشين المعجمة، ورقمها بالمكتبة المذكورة (4491). [8] ) هو : أحمد بن علي ، النوبي كان حيًّا سنة (1036هـ) انظر: معجم المؤلفين لكحالة ()، وله رسالة بعنوان (( شدّ الآذان عن ذكر الدخان )) وهي التي أشار إليها الناظم، منها نسخة ببلدية الأسكندرية برقم (41/طب)، وأخرى بمكتبة جوتا بألمانيا برقم (3/2102). [9] ) كلمة غير واضحة بالأصل.
